رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

99676

القرضاوي: القرآن واضح في إمكان زواج الصغيرة

16 يونيو 2016 , 01:05م
alsharq
الدوحة - الشرق

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة

المؤلف: د. يوسف القرضاوي

الحلقة: الثانية عشرة

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35).

من له ولاية الإجبار

اتفق من قال بتزويج الصغير والصغيرة، على أن للأب أن يزوج ابنه وابنته الصغيرين، واختلفوا في الولي غير الأب، قال النووي: ((أجمع المسلمون على جواز تزويجه بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث() [يعني حديث عائشة الذي ذكرناه]، وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، وقال أهل العراق: لها الخيار إذا بلغت.

أما غير الأب والجد من الأولياء، فلا يجوز أن يزوِّجها عند الشافعي والثوري ومالك وابن أبي ليلى وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد والجمهور، قالوا: فإن زوجها لم يصح. وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وآخرون من السلف: يجوز لجميع الأولياء ويصح، ولها الخيار إذا بلغت، إلا أبا يوسف فقال: لا خيار لها. واتفق الجماهير على أن الوصي الأجنبي لا يزوِّجها، وجوَّز شريح وعروة وحماد له تزويجها قبل البلوغ، وحكاه الخطابي عن مالك أيضًا، والله أعلم.

واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا: يستحب ألَّا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها، لئلا يوقِّعها في أسر الزوج وهي كارهة، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يُخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة، فيستحب تحصيل ذلك الزوج؛ لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها، والله أعلم.

وأما وقت زفاف الصغيرة المزوَّجة والدخول بها، فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عُمِل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن، وهذا هو الصحيح. وليس في حديث عائشة تحديد، ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيمن لم تُطِقْه، وقد بلغت تسعًا، قال الداودي: وكانت عائشة قد شبَّتْ شبابًا حسنًا رضى الله عنها)).

ونلاحظ من هذا النص عدة أمور ينبغي الإشارة إليها:

1 — أن جمهور الفقهاء قيدوا تزويج الصغيرة، ولم يجعلوه إلا للأب، وجعل الشافعي الجد كالأب، ومن وسَّعه وهو أبو حنيفة والأوزاعي فجعلوا لها الخيار وقت البلوغ.

2 — أنهم نظروا إلى مصلحة الصغيرة واعتبروها، وإلى كمال الشفقة في الولي.

3 — انهم وإن أباحوا زواج الصغيرة فقيَّدوا تسليمها لزوجها بالإطاقة البدنية.

والذي أراه أن الإسلام إنما شرع للناس ما يصلحهم في دينهم ودنياهم، وفي حاضرهم ومستقبلهم، وهو يضع لكلٍّ ظروفه وشروطه التي لا بد منها. وهو يعرف أن النكاح — بمعنى الزواج — لا يصلح قبل البلوغ، كما قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ..}[النساء:6]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم.. ". ومن عادات الناس المتعارف عليها عندهم: ألا يزوِّجوا أبناءهم وبناتهم حتى يبلغوا.

ومع هذا قد تحدث حالات خاصة في بعض المجتمعات يحسن فيها تزويج بعض الصغيرات لبعض الناس، ولا يرى أحد في ذلك حرجا ولا غضاضة، كما في تزويج عائشة من رسول الله وهي صغيرة بنت ست أو سبع، والدخول عليها وهي بنت تسع، وأبواها راضيان كل الرضا، والبنت راضية وفرحة، والمجتمع كله راض وسعيد وفرح، فما كان مثل هذا النوع أو قريبًا منه يجوز لظاهر ما ذكره القرآن من زواج الصغيرة في قوله تعالى في عدة المطلقات: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[البقرة:4]. وما عدا ذلكٍ فالأصل هو المنع، وخصوصًا في عصرنا الذي اضطربت فيه المعايير.هل للحاكم أو للمجتمع تحديد سن الزواج؟

زواج الصغيرة

القرآن واضح في إمكان زواج الصغيرة، قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ..}[الطلاق:4]. ومعنى ذلك أن المرأة قد تتزوج قبل المحيض، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد تزوج من عائشة وهي بنت ست سنين أو سبع سنين، وبنى بها وهي بنت تسع، ولا دليل يدل على أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.

والشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، وقد راعى فقهاؤنا المجيزون لزواج الصغيرة تحقق مصلحتها، فجعل جمهورهم تزويج الصغيرة للأب، وعللوا ذلك بكمال الشفقة، لكن لما شاع في كثير من المجتمعات أن البنت الصغيرة يمكن أن يظلمها أبوها، فيغلب مصلحته على مصلحتها، ولا تستطيع هي الدفاع عن نفسها، رأى كثير من الفقهاء أن نُقَيِّد هذا المباح، كما قال سيدنا عمر بن عبد العزيز: "تحدث للناس أقضية بمقدار ما أحدثوا من فجور".

ومن المعلوم فقهًا: أن من الأمور الجائزة والمباحة ما يجوز منعها بصفة كلية أو جزئية إذا ثبت أن من ورائها مفسدة أو ضررًا، فإنما أباح الله ما أباح لعباده لييسِّر عليهم ويخفِّف عنهم، كما قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:185]. {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء:28]. فإذا ثبت بالتطبيق أن في استعمال المباح ضررا على الناس أو أكثرهم: وجب منعه بناء على قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار".

هناك أمر آخر ينبغي أن يراعى، وهو أن الظروف تغيرت ومن حق الحاكم في ضوء قراءته الصحيحة للواقع ومحاربة مواطن الفساد أو تعسف آباء الصغيرات أن يقيد ما هو مباح.. وطاعة ولي الأمر هنا واجبة؛ لأنه لم يحلل حرامًا، ولم يحرم حلالا، وإنما قيد مباحا لما ترتب عليه من الضرر.

وكلمة الحاكم هنا تعني: السلطان الشرعي، ولم يعد الحكام هم الذين يشرعون للناس، ولكن يسمحون لهم بالتشريع وفق ما تضبطه الدساتير، ولذلك تقوم المجتمعات الحديثة بإصدار القوانين المكملة للشرائع أو الضابطة لأحوال المجتمع، مع مراعاة المطلوب في ذلك.

— إجبار الأب ابنتَه البالغة على الزواج بمن لا ترضاه:

ومما اختلف الفقهاء فيه: هل للأب ولاية إجبار على البكر البالغة العاقلة، قال ابن رشد: ((أما البكر البالغ فقال مالك والشافعي( )، وابن أبي ليلى: للأب فقط أن يجبرها على النكاح. وقال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور وجماعة: لا بد من اعتبار رضاها، ووافقهم مالك في البكر المعنسة على أحد القولين عنه)).

والحق أن الأدلة مع وجوب استئذان البكر، فقد صح عن النبي جملة أحاديث توجب استئمار الفتاة أو استئذانها عند زواجها، فلا تُزوَّج بغير رضاها، ولو كان الذي يزوِّجها أبوها. منها ما في الصحيحين: "لا تُنكح البكر حتى تُستأذن". قالوا: وكيف إذنها؟ قال: "ان تسكت". "البكر تُستأذن في نفسها، وإذنها صماتها" . "الثيب أحق بنفسها، والبكر يستأذنها أبوها".

وفي السُّنَن من حديث ابن عباس: أن جارية بِكْرًا أتت النبي ، فذكرت أن أباها زوَّجها وهي كارهة، فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم .

اقرأ المزيد

alsharq برنامج ماجستير العلوم في العلوم الحيوية الطبية بجامعة قطر يحصل على اعتماد دولي

حصل برنامج الماجستير في العلوم الحيوية الطبية بكلية العلوم الصحية بجامعة قطر على الاعتماد الدولي الكامل من معهد... اقرأ المزيد

60

| 17 سبتمبر 2025

alsharq سمو الأمير وملك الأردن يعقدان جلسة مباحثات رسمية

عقد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخوه جلالة الملك عبدالله الثاني... اقرأ المزيد

260

| 17 سبتمبر 2025

alsharq وزير العمل يستعرض تداعيات العدوان الإسرائيلي على الدوحة مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية

اجتمع سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل، اليوم، مع سعادة السيد جيلبرت هونجبو المدير العام لمنظمة... اقرأ المزيد

42

| 17 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية