رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رسالة من مواطن قطري وصلتنا عن طريق البريد الإلكتروني، ننشرها هنا من باب نشر الراي الاخر حول القضايا العامة في القطاعات الخدمية كافة والتعليمية خاصة.
يقول صاحب الرسالة:
إلى زميلنا الإعلامي المحترم.
الدكتور ربيعة الكواري/ جريدة الشرق القطرية
أولاً أشكرك على طرحك الصريح من أجل أن تكون مؤسساتنا أفضل، وأودّ أن أرسل لك نبذة عن معاناة الأستاذ القطري في الجامعة الوطنية، جامعة قطر تخلت عن الأعراف الجامعية منذ زمن، فلا القوانين الأكاديمية تُؤخذ في الاعتبار ولا حتى أدنى المعايير المتعارف عليها دولياً في التعيينات، احترام الأستاذ الجامعي في جامعة قطر وخاصة القطريين أصبح من الماضي، وأن عدم الثقة يغلب على المزاج العام؟!.
كل يوم نجد الإمعان في إهانة مقام الأستاذ الجامعي بشكل غير مقبول، اليوم في جامعة قطر لا قيمة لخبراتك العملية في التدريس وخدمتك في اللجان المختلفة ولا أبحاثك ولا إنتاجك العلمي .. فتجد مراراً وتكراراً:
كيف يُساء استغلال السلطة الإدارية لتعيين من حصل بالأمس على درجة الدكتوراة ودخل الحرم الجامعي قبل شهور، يعين في منصب قيادي بناء على المحسوبية والمعرفة الشخصية وفِي غياب أي معايير علمية ودون حسيب أو رقيب؟! .
هذا الوضع المعكوس أفرز قيادات هشة، ضعيفة، لا تملك مقومات الوظيفة المطلوبة منها، إنها لا تقدر على المسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقها، مما تسبب في إحباط عام في وسط الهيئة التدريسية القطرية أدى إلى خروج العشرات منهم من الجامعة، إما طوعاً أو كرهاً، متسببة بذلك في خسارة المنظومة التعليمية لكفاءات علمية وطنية وخسارة الدولة لاستثماراتها في الكادر الأكاديمي دون طائل؟!.
كما لا يوجد دعم ومساندة إدارية للأستاذ، فأقسام بأكملها بها عشرات الأساتذة، لا يوجد فيها "سكرتارية حقيقية" تدعم رئيس القسم وهيئة التدريس، وإن وُجدت تكون ضعيفة، وبالكاد تعمل بشكل صحيح؛ مما يضطر الأساتذة للقيام بأعمال السكرتارية بأنفسهم؟!.
وتؤثر المركزية على فعالية الأداء حيث لا تمنح الكليات والأقسام مهمة العمل على إدارة شؤونها الخاصة كما هو متبع في كل الجامعات ؛ مما ينتج عنه تأخير معظم طلبات الأقسام وما يترتب عليه من فوضى تامة، في حين تستميت الأقسام العلمية في تسيير أمورها ولا تتأثر العملية التعليمية بتأخير المعاملات؟!.
وهناك بعض القياديين غير المطلعين على قوانين وسياسات الجامعة، حيث يتخذون قراراتهم بناءً على الأهواء، أي بطريقة "عشوائية وغير مسبوقة"؟!.
ويعاني الاستاذ من مشاكل مستديمة لم تجد الحلول المناسبة حيث يقضي كل صباح ما يقارب ثلث ساعة بحثاً عن موقف لسيارته فلا يجد، ومعظم الوقت يضطر فيه للوقوف في أماكن بعيدة، وعلى التراب، وتحت أشعة الشمس الحارقة أحيانا، في حين أن أصغر موظف إداري في الجامعة يحصل على موقف محجوز بمسماه الوظيفي "ويا وَيْل الأستاذ إذا أخطأ ووقف في أحد هذه المواقف"؟! إلى جانب كمية الإهانة التي يتعرض لها من رجل الأمن المسؤول عن المواقف، وإذا استطاع أن يُفلت منه لكي يلحق بمحاضراته يجد رسالة توبيخ من الموظف صاحب الموقف، وللعلم، الجامعة لم تتخذ أي حلول عملية لحل هذه المشكلة المزمنة منذ عقود .. وهي توفير موقف خاص للأستاذ، بالرغم من الشكاوى المتكررة، فلماذا مثلاً لا تفكر الجامعة في إنشاء مواقف متعددة الطوابق أسوة بالمدينة التعليمية؟!.
نعم، هي أمور قد تبدو بسيطة، ولكن لها أثر كبير في إضاعة وقت الأستاذ وتعكير صفوه بشكل يومي، وهي تقلل من هيبة الأستاذ واحترامه أمام المجتمع الجامعي، مما يؤثر على مزاجه العام؟!.
أستاذنا الفاضل
وردّي على من يتغنون براتب القطريين، أقول: بالأمس التقيت بزميل أكاديمي، يعمل بإحدى جامعات المدينة التعليمية من أجل مناقشة مشروع بحثي، حيث اكتشفت أن راتبه ضعف راتبي وعبئه التدريسي نصف عبئي التدريسي، وخبرته التدريسية ربع خبرتي التدريسية، مع أن درجته الأكاديمية (مدرس مساعد)، أي أقل مني بدرجتين، ومن ثم يقولون لنا " راتب القطري"، تطبيقاً للمثل الشعبي القائل "الصيت ولا الغنى"؟! .. شيء يقهر والله!.
ولهذا، فيجب ضرورةً أن يتم اختيار القيادات وفق معايير وشروط ويكون هناك نظام علمي محترم في الاختيار، ويطلب من الشخص تقديم "سمينار" يشرح استراتيجيته وخطته الخمسية، قبل أن يعين في أي منصب قيادي، ويجب أن يحاسب ويكون عنده خبرات سابقة في المجال، ومتدرج للمنصب بطريقة سليمة، وأهم شيء في شخصية القيادة الإدارية، أي يكون متزنا ومثقفا ويتحلى بالأخلاق الإسلامية، وإذا كان تربويا يجب أن يكون من الشخصيات المؤمنة بقدرات الشباب القطري على النجاح والإنجاز، وليس شخصا يشوه هوية المجتمع العربية والإسلامية ويحولها إلى مجتمع يقلد الغرب في كل المساوئ ولا يطبق معايير الجودة في الإنتاج التي يطبقها الغرب؟!.
جامعة قطر منذ عهد الإدارة السابقة لا تتبع المعايير الأكاديمية السليمة المعمول بها دولياً عند تعيين القيادات الإدارية، فهذه المعايير والقوانين والآليات معروفة على مستوى الجامعات المرموقة ويجب الالتزام بها، فهل يعقل أن يكون رئيس جامعة - مثلا- أسفل الدرجة الأكاديمية (أستاذ مساعد) وليس بدرجة (أستاذ) كما هو الحال في كل جامعات العالم؟!.
طريقة اختيار القيادات أغلبها تعتمد على العلاقات الشخصية، مما يدل على جهل إدارة الجامعة بالكفاءات الوطنية الفعلية الموجودة في الجامعة ولا تكلف نفسها بالبحث عنها (شغل علاقات عامة)؟!.
"يا جامعة قطر، هذا لا يجوز"، وفي الختام، ليس لديّ إلا أن أقول:
كلمة أخيرة:
رسالة واضحة كل الوضوح، ولا تحتاج منا إلى تفسير أكثر أو تحليل أعمق، فالجامعة مؤسسة أكاديمية مهمة للسير بالمجتمع والوطن من أجل البناء والتنمية ورفد سوق العمل بالكوادر العلمية المؤهلة والمدربة، ومتى ما تغيرت هذه الرسالة للجامعة الوطنية، فإنها تصبح مطالبة بتغيير عقول من يديرها قبل تغيير سياستها، من أجل بناء قطر الغد، مع الاهتمام بأعضاء هيئة التدريس وتوفير سبل الراحة لهم مهما كانت الظروف؟!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
4593
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4284
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
4095
| 25 سبتمبر 2025